السلام عليكم ورحمة الله وبركاته حياكم الله جميعاً , و أهلاً و سهلاً بكم , في قسم التراث مع صحيفة ثادق الإلكترونية ~ونتمنى لكم قضاء وقت ممتع شكراَ لزيارتكم.


بعد نظر الملك عبدالعزيز دفعه لإرسال (أول بعثة طلابية) إلى مصر عام 1348هـ ليعودوا لخدمة الوطن الابتعاث.. تأسيس لجيل يقود التنمية د. يوسف بن يعقوب الهاجري، الذي كان وزيراً للصحة في عهد الملك سعود ووالده يعقوب الهاجري من أهالي "ثادق"، الذي كان من رجال الدولة المعروفين والمقربين عند الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه





إعداد: حمود الضويحي
يقاس تقدم الأمم وتحضرها بما تملكه من علم تشيّد به نهضتها، لذا شكّل نشر العلم وتحصيله في هذه البلاد أحد أهم أوليات المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - حيث أولى العلم والعلماء جل اهتمامه، فقرّب إليه العلماء، ونهج في افتتاح المدارس، إذ بدأ في عهده التفكير في إنشاء مؤسسة تعليمية حكومية نظامية، وتطوير التعليم، وتحديث مناهجه، بل وإدخال العلوم الحديثة ضمن مقررات دراسية تحت إشراف معلمين أكفياء، فنشأت فكرة تأسيس المعهد العلمي السعودي بهدف تخريج معلمين ذوي كفاءة علمية وتربوية لمواجهة النقص الحاد في المعلمين، إضافةً إلى تزويد الإدارات الحكومة بالموظفين المؤهلين،

تذكارية لأول بعثة دراسية في عهد الملك عبدالعزيز عام 1348هـ
الذي تم افتتاحه عام 1345ه، تلاه افتتاح عدد من المدارس الابتدائية والمتوسطة والمعاهد باختلاف تخصصاتها في جميع مدن المملكة. 
ولنظرة المؤسس الثاقبة في ضرورة حصول عدد من أبناء البلاد النابغين على تعليم عال مما لا يتوافر بالمملكة، جاء قرار ابتعاث عدد من الطلاب إلى خارج المملكة، من أجل ذلك كانت جمهورية مصر العربية أولى تلك الجهات التي تم ابتعاث طلاب إليها عام 1348ه، وقد أثبت هؤلاء المبتعثون جدارتهم وشقوا طريقهم في سبيل تحصيل أعلى الدرجات في زمن كان يتسم بالبساطة، حيث كان المبتعث ينتقل من بيئة محافظة الى بيئة أكثر انفتاحاً وتطوراً في شتى الميادين، وبالرغم من ذلك لم تسرق أضواء تلك المدنية والتحضر أبصارهم، ولم تؤثر في التغيير في طباعهم وعاداتهم، بل كانوا على العكس أشد تمسكاً بدينهم وحفاظاً على هويتهم وثقافتهم، ليعودوا الى أرض الوطن حاملين أكبر الشهادات والدرجات العلمية من "البكالوريوس" و"الماجستير" و"الدكتوراه"،
مصر كانت محطة الانطلاق لابتعاث أبناء المملكة


استطاع المبتعثون التكيف مع المتغيرات الخارجية سواء من حيث الثقافة أو اختلاف اللغات
 وليساهموا في بناء الوطن في وقت أشد ما كانت الحاجة إليهم، فحققوا النجاح والبناء وضربوا أروع الأمثلة في التفاني والإخلاص. عام 1348ه شهد أول ابتعاث طلاب إلى مصر فأثبتوا جدارتهم بالنجاح توجيه ملكي بابتعاث (14) طالباً من الحجاز لإكمال الدراسة في مصر.. و«مدرسة تحضير البعثات» تولت المتابعة أول بعثة بدأ الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - بإرسال الطلبة للدراسة في الخارج على حساب الدولة في عام 1348ه، ما يدل على مقدار اهتمامه بالتعليم ورغبته الجادة في انتشاره على جميع المستويات، فكانت بداية ابتعاث الطلاب السعوديين إلى مصر لاستكمال دراستهم الجامعية قبل تأسيس مدرسة تحضير البعثات، حيث صدر قرار مجلس الشورى بناء على توجيه ملكي بإرسال أربعة عشر طالباً من الحجاز لإتمام دراستهم الجامعية في مصر وهم ستة طلاب من مكة المكرمة، وثلاثة من المدينة المنورة، وثلاثة من جدة، واثنان من الطائف، وهؤلاء هم: أحمد قاضي، عمر قاضي، فؤاد وفا، عبدالله ناظر، أحمد العربي، ولي الدين أسعد، محمد شطا، صالح الخطيب، حمزة قابل، عمر نصيف، عبدالمجيد متبولي، محمد باحنشب، عبدالله باحنشل، وإبراهيم محيي الدين حكيم، وذلك للتخصص في دراسة القضاء الشرعي، والتعليم الفني، والزراعة، والطب، والتدريس،

وقد وضعت لذلك شروط الاختيار، وحددت النفقات من قبل مجلس الشورى ومجلس المعارف. أسماء ومناصب وضمّت أول بعثة دراسية سعودية إلى مصر د. يوسف بن يعقوب الهاجري، الذي كان وزيراً للصحة في عهد الملك سعود، ووالده يعقوب الهاجري من أهالي "ثادق"، الذي كان من رجال الدولة المعروفين والمقربين عند الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - إضافةً إلى أن البعثة ضمت: عبدالله وعبدالعزيز ابني إبراهيم بن محمد بن عبدالله بن إبراهيم بن سيف المعمر، وهو أديب ترأس الديوان الملكي السعودي في العشرينات، واحتل في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز - رحمه الله - مناصب متقدمة في الديوان الملكي، إلى جانب أن البعثة ضمت: عبدالله بن حمود الطريقي - وزير البترول والثروة المعدنية سابقاً، وأول وزير بترول سعودي ومؤسس منظمة أوبك مع وزير البترول الفنزولي ألفونسو، وأول مبتعث سعودي للدراسة إلى الولايات المتحدة - وكذلك ضمت البعثة مصطفى حافظ وهبة ابن المستشار حافظ وهبة الذي كان مدير إدارة المعارف بالحجاز، ثم أصبح أول سفير سعودي لدى انجلترا، إضافةً إلى أحمد بن محمد العربي - مُرب وعالم وخطيب وأديب وشاعر مبدع مبرّز من الحجاز، وأحد طلائع رواد النهضة الأدبية والعلمية في الحجاز والمملكة - وصادق عبدالله دحلان من مواليد مكة المكرمة سنة 1333ه الذي حفظ القرآن الكريم على يد والده الداعية الإسلامي عبدالله دحلان، ثم أكمل تعليمه في الأزهر وتخرج فيه قبل (80) عاماً، إلى جانب أن البعثة ضمت عمر بن محمد نصيف، الذي كان مديراً لأوقاف جدة ورئيساً لبلديتها وهو والد د. عبدالله عمر نصيف - مدير جامعة الملك عبدالعزيز، ثم الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، ثم نائب رئيس مجلس الشورى- ووالد د. محمد عمر نصيف - عضو مجلس الشورى. تحضير البعثات تعد مدرسة تحضير البعثات بمكة المكرمة التي أسسها الشيخ محمد الدباغ، في 19 جمادى الأولى 1355ه ب "جبل هندي" من أهم الأحداث التعليمية في المملكة والجزيرة العربية على حد سواء، وثاني أقدم مدرسة بمكة بعد "مدرسة الصولتية"، وتعد أول مدرسة ثانوية في المملكة أسست على النظام العصري الحديث،
طلب العلم من الدول المتقدمة ينعكس أثره بالإيجاب على التنمية في المملكة

 الذي يمهد أمام الطالب طريق الالتحاق بالكليات الجامعية: الهندسة، أو الطب، أو الآداب، أو التربية، عن طريق تقديم تعليم عال يؤهل الطالب للابتعاث خارج المملكة لإكمال دراسته العليا، ولهذا سميت المدرسة ب "مدرسة تحضير البعثات"، وقد بدأت الخطوات التنفيذية لتأسيس هذه المدرسة في 1355ه، ولكن الدراسات المقدمة لمديرية المعارف العامة آنذاك لم تكن مكتملة من حيث المنهج المقرر، ولا من حيث سنوات الدراسة، وغير ذلك من المتطلبات الواجب توافرها عند الالتحاق وبعد التخرج. وقد احتاج الأمر إلى دراسة هذا الموضوع مرة أخرى بصور أدق وعلى أكمل وجه، بواسطة لجنة من المتخصصين، وبعد استكمال الدراسة عرض الأمر على الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - فأصدر أمره في 12 رجب عام 1355ه بتأسيس هذه المدرسة، وأطلق عليها اسم مدرسة تحضير البعثات، حتى يدل اسمها دلالة واضحة على الغاية المتوخاة من إنشائها، وقد عني محمد طاهر الدباغ - رحمه الله - بتأسيس مدرسة تحضير البعثات في مكة المكرمة، كما عني بتهيئة دار البعثات العلمية السعودية بالقاهرة، وأسندت إدارتها إلى مديرين مشهود لهم بالكفاءة والإخلاص، ومنهم على سبيل المثال المربي القدير ولي الدين أسعد - رحمه الله 


شباب الوطن أثبتوا جدارتهم وحققوا النجاح
- وكانت هذه الدار تضم الطلبة المبتعثين، حيث يهيأ لهم فيها المسكن والطعام، ويشرف ولي الدين ومعاونوه على إلحاقهم بالمعاهد المختلفة، ويهتم بشؤونهم الدراسية والمعيشية في آن واحد، ما هيأ للطلبة الجو المناسب للدراسة المنظمة الجادة، التي آتت أكلها فيما بعد ثمراً جنياً، ورجالاً عاملين في شتى المجالات. بداية عهد وتم فيما بعد تأسيس دار للبعثات السعودية بالإسكندرية تولاها صادق ماجد كردي - رحمه الله - وكان يرعى الطلبة السعوديين الذي يتلقون دراستهم في "جامعة الإسكندرية"، وتمثل هذه المدرسة بحق بداية عهد التعليم الحديث السائد الآن في المملكة، فقد عنيت منذ اللحظة الأولى لافتتاحها بتدريس علوم الكيمياء والفيزياء والأحياء والتاريخ واللغة الإنجليزية إلى جانب علوم الدين واللغة العربية، وهذه المدرسة لا تزال قائمة حتى الآن باسم مدرسة الملك عبدالعزيز الثانوية بمكة المكرمة، وكان أول مبنى لتحضير البعثات بمكة في "حي المسفلة" في عمارة "البوقري" بالقرب من "حوش العشرة"، ثم انتقلت إلى القلعة ب "جبل هندي"، وكانت هناك غرف داخلية بالنسبة إلى الطلاب القادمين من أنحاء المملكة الأخرى سواء من مدن الحجاز، أو نجد، أو من المناطق الأخرى في المملكة، ويمكن القول إن مدرسة تحضير البعثات كانت هي المهد الذي كفل المبتعثين إلى الخارج في ذلك الوقت، الذين تخصصوا في الدراسة العليا المختلفة كالطب والهندسة وغيرها. إصرار وعزيمة وكان الدافع الحقيقي للمبتعثين مع الإصرار والعزيمة هو الحصول على الشهادة الدراسية التي تمكن الطالب من العودة إلى أرض الوطن وقد حقق النجاح، وحصل على شهادة علمية مرموقة تمكنه من خدمة وطنه في المجال الذي ابتعث من أجله، فاستطاع هؤلاء المبتعثون التكيف مع المتغيرات التي واجهوها في الخارج من حيث الثقافة واختلاف اللغات واللهجات والعادات والتقاليد، حيث لم تكن حجر عثرة لدى الغالبية منهم، بل إن عدداً منهم سافر وتغرب للحصول الشهادة، وقد اصطحب معه زوجته وعائلته التي كانت خير معين له في تحقيق ذلك، حيث وفرت له الهدوء والجو المناسب،


أبرز برنامج الابتعاث كوادر وطنية ستُفيد المملكة مستقبلاً

وقد كان هناك روابط وصلة بين الطلاب السعوديين في الخارج حيث يتزاورون ويقدمون الخدمة لمن يحتاج إليها منهم نوعاً من التكافل الاجتماعي، فعلى سبيل المثال كان من يسافر في الإجازات يحمل عدداً من الهدايا إلى أصدقائه الذين لم يسعفهم الحظ للعودة في الإجازة إلى ذويهم بسبب ارتباطه الدراسي، كما يحضرون له عند العودة ما يحتاج إليه من أغراض كالأطعمة والقهوة العربية والتمور والأرز وبعض المأكولات الشعبية التي تحفظ لمدة طويلة من دون أن تفسد ك "القرصان" المجففة والجريش وغيرها، كما استطاع عدد من الدارسين أن يفرضوا كثيراً من عاداتهم وتقاليدهم في المجتمعات التي انخرطوا فيها من أجل الدراسة والتحصيل العلمي. حجر عثرة ومن أهم ما يواجه بعض الدارسين هو الإخفاق في الدراسة بعد مضي سنوات من الدراسة وقطع شوط كبير من التحصيل، إلاّ أن الإصرار على إكمال الدراسة والبعثة جعل غالبهم يتخطى هذه المرحلة بالاستمرار وإعادة ما أخفق فيه من مواد ولو تجاوز ذلك سني البعثة المقررة، وقد يكون الإخفاق لا دخل للدارس فيه كأن يقف المشرف على رسالة "الماجستير" أو "الدكتوراه" حجر عثرة في طريق الدارس بكثرة الشروط وعدم توافق وجهات النظر. ومن الأمثلة على ذلك التعثر مما لا دخل للدارس فيه هو ما حصل لأحد المبتعثين للحصول على شهادة "الدكتوراه"، الذي أنهى رسالته ولم يتبق سوى المناقشة، فحصل ما لم يكن بالحسبان حيث توفي الدكتور المشرف على رسالة هذا الدارس، فاضطر إلى التغيير، الذي بدوره طلب تغيير الرسالة، فاستغرق ذلك أكثر من سنة، وقبل مناقشة الرسالة بقليل تفاجأ الدارس بوفاة الدكتور المشرف على الرسالة الجديد أيضاً، فعاد من جديد لاستكمال الرسالة بمشرف جديد طلب تغيير الرسالة، وبعد جهد جهيد استطاع بعد أكثر من عام أن ينهي الرسالة وجاء وقت مناقشة الرسالة فوضع يده على قلبه خشية أن يموت هذا الدكتور المشرف على الرسالة مرة ثالثة، ولكن الله سلم وحضر، وتمت مناقشة الرسالة وحصل على رسالة "الدكتوراه" بعد معاناة استمرت سنوات. عودة واحتفال عند عودة الطالب المغترب في بعثة دراسية إلى أرض الوطن في إجازة، أو عند إكمال بعثته والحصول على الشهادة فإنه يحظى باستقبال حار من قبل أهله ومحبيه، فعند وصول الخبر فإن السعادة تغمر الجميع، خصوصاً الأهل والأقارب، وحتى أهل البلدة جلها الذين يفخرون بتحقيق هذا الدارس الشهادة العليا، فتبدأ سلسلة العزائم وإقامة المناسبات من أجل ذلك،
عدد من الطلاب خارج المملكة في بداية الابتعاث


كما يحظى من يحصل على الشهادة على التقدير والاحترام من الجميع، بل يصبح مصدر فخر بين أهله وأقاربه وأصدقائه لتحقيقه هذا الانجاز الكبير، ما ينعكس على وضعه الاجتماعي، خصوصاً عندما تكون الشهادة عليا ك "الدكتوراه"، فيطلق عليه لقب الدكتور أينما حل أو رحل ويستعذب والده اسم والد الدكتور أو أخوته أخو الدكتور. تنمية مستدامة استمرت المملكة على النهج في ابتعاث عدد من أبنائها الطلبة للتحصيل العلمي، وقد بلغ أوج هذا الابتعاث في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله -

وذلك من خلال حرصه على التنمية المستدامة للموارد البشرية في المملكة، حيث أطلق "برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي" ليكون رافداً مهماً لدعم الجامعات السعودية، والقطاعين الحكومي والأهلي بالكفاءات المتميزة من أبناء الوطن، وليعمل على تنمية الموارد البشرية السعودية وإعدادها وتأهيلها بشكل فاعل لتصبح منافساً عالمياً في سوق العمل ومجالات البحث العلمي. الجدير بالذكر أنه عندما انطلق البرنامج في حينها، كان مقرراً له أن يستمر لخمس سنوات حتى 2010م لكن نجاحه في خطته الخمسيّة الأولى دفع وزارة التعليم العالي - آنذاك - إلى التقدم للمقام السامي لتمديد البرنامج لفترة ثانية مدتها خمس سنوات تنتهي في 2015، ثم فترة ثالثة صدرت حديثاً على تمديدها ومدتها خمس سنوات تنتهي في 2020م. وبحسب الإحصاءات الواردة على موقع وزارة التعليم العالي الإلكتروني - آنذلك - بلغت أعداد المبتعثين بعد أكثر من (80) عاماً على تأسيس المملكة وأكثر من عقد من تدشين برنامج الابتعاث الخارجي قرابة (150) ألف مبتعث ومبتعثة، يتوزعون على أكثر من (30) دولة ينخرطون في تحصيل الدرجات العلمية من أرقى الجامعات العالمية في جميع المجالات والتخصصات العلمية والطبية والهندسية والعملية التي يتطلبها سوق العمل ومشروعات التنمية الكبرى في مختلف مناطق المملكة، وقد تخرج في هذا البرنامج حتى الآن نحو (55) ألف طالب وطالبة وبنسبة تعثر لا تتجاوز اثنين في المئة.

Read more

قراءة في مخطوطة ديوان راشد بن عمار الشاعر الابن لا يقل عن أبيه إتقاناً وجودة

صورة ضوئية لاحدى قصائد ديوان ابن عمار

 صلاح الزامل
    كثيرا ما تطغى شهرة الأب على الابن أو العكس ، في جميع النواحي المختلفة في الحياة.. سواء كانت هذه الشهرة من حيث العلم والأدب والمعرفة أو الشعر أو الشجاعة والكرم أو مكارم الأخلاق الأخرى؛ فالكثير من المشاهير لا نعرف عن آبائهم شيئاً يذكر سوى الاسم ولعل المتنبي رحمة الله، التي طغت شهرته جميع أرجاء من نطق بالضاد، لم نعرف عن أبيه شيئاً سوى أن اسمه الحسين، وكان يسقي الماء لأهل الكوفة، وكان يطلق عليه عيدان السقا. وقد يكون هذا الأب أو الابن كلاهما عرف بشيء واحد.. إما الشعر أو العلم، لكن شهرة أحدهما طغت على الآخر.
الف أو لف بالمثل ما طرا لي 
ودموع عيني فوق الأوجان جالي
صورة ضوئية لغلاف الديوان
ومن هؤلاء الذين طغت شهرة أبيه عليه، الشاعر محمد بن راشد بن عمار, رحمه الله، الذي كانت شهرة أبيه محمد، أشهر منه؛ فالشاعر محمد بن راشد بن عمار شاعر شهرته ألفيته الإبداعية، المنقوشة في ذاكرة الأدب الشعبي بالمملكة والخليج العربي.
أما ابنه راشد فهو شاعر لا يقل جودة وإتقاناً عن أبيه. والظاهر أن شاعرنا راشد لا يصرّح بشعره إلا لأصدقائه ومعارفه، ولم ينشر له ديوان في حياته، وحتى بعد مماته.وقد أهداني الباحث المحقق إبراهيم آل الشيخ، صورة من ديوان راشد بن عمار، وعنوان الديوان (مجوهرات الشعر) كتب بخط جميل جداً.
وفي مقدمة الديوان يتضح أن الذي جمع شعره أحد المهتمين الذي لم يصرّح باسمه, ولعله أحد أقربائه.
وإنما قال الجامع.." وقد جمعنا بما تحصلنا عليه من الشعر.. ويسرد الجامع بعضاً من مختارات الشاعر راشد بن عمار الشعرية، وهي بمثابة مقدمة لديوانه من الشعر الشعبي، فقد كتب جامع ديوان الشاعر ترجمة مختصرة لهذا للشاعر راشد بن عمار، فيقول إنه من مواليد عام 1330ه في بلدة ثادق.
وقال عنه الجامع: إنه أحب الشعر والمجتمعات المليئة بالأشعار وحديث الرجال عن الأشعار الحديثة والقديمة. ويروي الجامع لهذا الديوان عن الشاعر راشد بن عمار،رحمه الله، عن بداياته في قرض الشعر أنه بدأ بقرضه، وكان عمره 13 عاماً. ويقول ابن عمار عن نفسه"... كنت أطرب له "أي الشعر" وأحاول أن أفهم معانيه وأميل إلى أهله في جميع المناسبات.
والديوان ليست قوافيه مرتبة على حروف المعجم، ولا على أغراض الشعر، بل كيفما اتفق، لكن خط الديوان جميل وواضح، ولا يوجد تاريخ لكتابة الديوان. أما نوع الخط، نسخ، مع اختلاطه أحياناً بخط الرقعة، كما هو الحال في الخطوط الحديثة، والقصائد يذكر فيها المناسبات، أي مناسبة القصيدة. وهي من إملاء الشاعر على جامع الديوان، وثمة مزية أخرى، هي اعتناء الشاعر ابن عمار،رحمه الله، بذكر تاريخ القصيدة.
وتدلنا على قرض الشعر في سن مبكرة، عند الشاعر ابن عمار، رحمه الله، وأول قصيدة مؤرخة عام 1347ه وعمر الشاعر 17 سنة.
وقد طرق الشاعر راشد بن عمار، رحمه الله تعالى، جميع أغراض الشعر الشعبي، ولا تمر مناسبة اجتماعية خاصة به، أو وطنية عامة لوطنه؛ إلا ونظم فيها قصيدة، فهو مكثر من الشعر رحمه الله تعالى، أما شعره فيتميز بما يلي :
أولاً:- سلاسة الألفاظ وسهولة المعاني في جميع الأغراض التي نظم فيها.
ثانياً:- انسياب الأفكار لدى الشاعر؛ بحيث إنها كانت غير متنافرة.
ثالثا:- طول النفس في القصائد، بحيث لا تصعب عليه تدفق الأبيات الشعرية وخصوصاً إذا كان الشاعر مطبوعاً ينظم بسهولة دون تصنع ولا كلفة.. وهذا واضح بالنسبة لشاعرنا ابن عمار رحمه الله فهو مثل أبيه .
رابعاً:- رقة وعذوبة غزليات ابن عمار، رحمة الله، وهو قريب جداً من أسلوب وطرح غزليات أبيه الشاعر المشهور محمد بن عمار رحمة الله تعالى.ولعله تأثر بأبيه في هذا الجانب الغزلي. وكان شاعرنا راشد بن عمار، رحمة الله، لما توفي أبوه كانت سنه حوالي سبع وثلاثين سنة, وهي سن عالية مدركة لكل ما يدور حولها، إذ إن ابن عمار الشاعر صاحب الألفية المشهورة توفي عام 1367ه كما ذكر ذلك بعض الباحثين، ومنهم الباحث سليمان النقيدان ،رحمه الله، في كتابه (شعراء من بريدة) الجزء الثاني.. عند ترجمته للشاعر محمد بن عمار، تلك الترجمة الفريدة اليتيمة.
والنقيدان هو رائد في ترجمته لابن عمار الوالد، فهي أول ترجمة له. ولذلك فمن المؤكد أنه الابن راشد بن عمار، قد أخذ عن أبيه، وحفظ بعضاً من أشعار والده، التي ضاعت فيما أعتقد. وليت شاعرنا ابن عمار راشد ،كتب مروياته عن أبيه الشاعر محمد ابن عمار رحمهما الله تعالي.
والذي يؤكد قولي، تأثر الابن بأبيه في الشعر، هو الألفية التي نظمها الابن راشد وهي قد تشبه إلى حد ما ألفيه أبيه. فقد جارى الابن أباه في أسلوب الألفية ، من حيث إن لكل منهما ألفيه على قافيته .. وكلا الألفيتين على المسحوب .. وقد قالها الابن راشد ابن عمار وعمره ثلاثون سنة . والذي يقرأ الألفيتين يرى أوجه التشابه في الأسلوب وسبك الألفاظ ، ومثال هذا في حرف الألف.
يقول محمد بن عمار الوالد رحمه الله :
الف أو لف من كلام نظيف
ودموع عينى فوق خدي ذريف
يقول الابن راشد :
الف أو لف بالمثل ما طرا لي
ودموع عيني فوق الأوجان جالي
يقول الوالد محمد في حرف الباء :
الباء بليت خلي على ماش
ولا حصل لي منه ما يبرد الجاش
يقول الابن راشد :
الباء بليت بحب مركوز الأنهاد
بينت له جاهي ولا طاع ينقاد
ويقول الوالد محمد في حرف التاء:
التاء تبعت الزين والزين مقفي
امش وحتفي ناقله فوق كتفي
أما الابن راشد فيقول في حرف التاء:
التاء تقعدت لغرابيل الأيام
أسهر طوال الليل والناس نيام
وقد نظم الشاعر الفحل الشهير محمد بن راشد بن عمار رحمه الله تعالي، لكل حرف من حروف المعجم أربعة أبيات.. وكذلك نظم ابنه راشد في ألفيته مثل أبيه لكل حرف من حروف المعجم أربعة أبيات.
والشاعر محمد بن راشد بن عمار رحمه الله تعالى، أسهب في ألفيته ، وأبحر حتى صار صاحب أشهر ألفية في المملكة والخليج العربي . وقد سار ابنه راشد في إطالة النفس في القصيدة، لكن ألفيته لم تشتهر شهرة ألفية أبيه . ولم يكن لها ذاك الصدى المدوي في أرجاء المملكة والخليج العربي؛ بل لم يعرفها إلا من كان قريباً من الشاعر راشد رحمه الله. وهي ألفية جيدة وقوية جداً، وتدل على أن صاحبها شاعر من الدرجة الممتازة في الشعر الشعبي .
والذي يقرأ ويتمعن في الألفيتين ويتأمل فيهما تأملاً عميقاً وراسخاً؛ يخرج بأن كلا الشاعرين: الوالد والابن، قد رسخت أقدامهما في الشعر الشعبي، لا سيما أن الألفيات في الشعر الشعبي من لزوم ما لا يلزم على الشاعر.
ومن جانب آخر فإن الابن قال هذه الألفية في فترة شبابه عام 1360ه حيث أرخ نظمها في ديوانه وكان عمره ثلاثين سنة .
ولنأخذ نماذج أخرى من ألفية راشد بن عمار رحمة الله، لأن القارئ قد لا يعرف ألفية الابن ، لكن ألفية الأب مشهورة عند أغلب الناس .. يقول الابن راشد:
الزاء زماني ما مشى لي على زين
ولا صفا بيني وبين المحبين
كل العلوم الماضيه والقوانين
قطعت ولا شك الدهر بنجاريه
نجاريه كود الزين وضاح الانياب
يطري عليه من الطواري والاسباب
ما دام توه غاية الكيف عجاب
لو لين الجانب فلا نيب قاصيه
والسين سميته ولا حط باله
غرو سبا عقلي بشوفة خياله
غديت مثل اللي يروعه ضلاله
اللى شفت حالي كنه العود باريه
باريه تبراه الدبا عود ريان
عود مريفاً غايفاً وسط بستان
نبنوب توه ظاهراً بين الاغصان
إلى منها هبت هبوب تثنيه
الشين شوقي لك على البعد غربال
لا مبدين عن علة ولا شايفين حال
يا زين لا تفسح مجالاً للانذال
يدري بجرح ما بغيرك يداويه
ئ
يداويه غيرك لا ورب السماوات
لا من ها الاحياء ولا من الناس الاموات
الاموات
ما غيرك حداً نطلبه بالمهمات
وانت الذي بأمر الله الجرح تبريه
والألفية طويلة بلغ عدد أبياتها 116 بيتاً ، فهي أطول قصيدة تنفس بها الشاعر ،رحمه الله، فكان نفساً طويلاً وعملاقاً . وأن قصيدته هذه الألفية درة ثمينة من كنوز الشعر الشعبي ، فهي من الألفيات التي أعتبرها نادرة .. فهي تلي مباشرة ألفية والده الشاعر محمد بن عمار ،رحمه الله، وهذا هو رأيه في هذه الألفية .
أما بقية الديوان فهي أشعار مختلفة ومتنوعة من غزليات وسامريات وشعر حماس وعرضة وقصائد في المدح لملوك الوطن ومناسبات أخرى مرت بالشاعر فقال فيها أشعاراً وقصائد في الرثاء كذلك .
وفعلاً لقد أعطى الشاعر ابن عمار ،رحمه الله، الشعر نفسه كله ، وتفرغ له تفرغاً كبيراً واستخدم الشعر وسيلة لكل ما يختلج في نفسه وخواطره فكان الشعر لدى ابن عمار نافذة كبرى يطل منها على الناس ويترجم تلك الأحاسيس بصور ولوحات فنية جذابة ولو كان مكثراً في نشر شعره حسب وسائل الإعلام المرئي أو المكتوب لاشتهر بين محبي الشعر الشعبي . لكنه قصر شعره على من يعرفه من الأصدقاء والرفقاء والجلساء . ولم ينشر ديوانه في حياته ،كما قلت سابقاً ، في أول مقالي . والديوان حري أن ينشر وأن يعتنى بنصوصه وفهرسة أشعاره إما على أغراض الشعر أو على حروف المعجم .. فهو ديوان جميل جداً لشاعر فحل من الطبقة المبدعة، فهو يهتم،رحمه الله، بعرضه على المعاني الجزلة المؤثرة على القارئ أو من يستمع إليها.
رحم الله الشاعر راشد بن محمد بن عمار , ورحم الله أباه محمداً وأسكنهما الفردوس الأعلى .. وشاعرنا راشد توفي عام 1429هـ .


Read more

محافظة المحمل (ثادق)

محمد عبد الله الحمدان

محافظة المحمل: 

قاعدتها ثادق، تبعد عن الرياض 120 كيلاً يحدها من الشمال محافظة سدير (المجمعة)، ومن الغرب محافظة الوشم (شقراء)، ومن الجنوب محافظة الشعيب (حريملاء)، ومن الشرق روضة الخفس والعرمة الجنوبية (الحضافة والملتهبة)، (اللهزوم). 

سميت المنطقة بـ(المحمل) في أقوال كثيرة، منها (المحمل شقان على البعير يحمل فيهما العديلان). 

من قرى المحافظة: 

كما أسلفت فإن قاعدة المحمل هي (ثادق)، ومن قراها (أبجدياً): البير - الحسي - الخاتلة - الدبيجة - رغبة - الرويضة (رويضة المحمل أو رويضة السهول للتفريق بينهما وبين رويضة العرض ورويضة المجمعة) - رويغب - الصفرات (العليا، البلاد، الجو، السفالة) - المشاش (مشاش السهول، للتفريق بينه وبين مشاش القصب في محافظة الوشم). 

وكانت البويردة ودقة وربما رويغب من قرى المحمل، ويظهر أنها نقلت إدارياً لمحافظات أخرى. 

كتب مؤلفة عن المحافظة: 

ثادق: قاعدة المحافظة.. ألف عنها كتابان: 

1 -(ثادق).. تأليف محمد بن عبدالرحمن الموسى، صدر عام 1415هـ، صفحاته 140 صفحة، به معلومات جيدة عن ثادق وصور ومناظر. 

2 -(ثادق).. تأليف حمد بن ناصر الوهيبي، من سلسلة (هذه بلادنا) التي تصدرها الرئاسة العامة لرعاية الشباب ثم وزارة الثقافة والإعلام، رقمه في السلسلة 66 وصفحاته 248، صدر عام 1424هـ، يضم بين دفتيه معلومات جيدة وصورا ومخططات ملونة. 

البير: ألف عنها كاتب هذه السطوركتاباً من سلسلة (هذه بلادنا) التي تصدرها (الرئاسة العامة لرعاية الشباب) (وكالة شؤون الشباب.. الإدارة العامة للنشاطات الثقافية) وتحولت هذه السلسلة الآن إلى (وزارة الثقافة والإعلام.. وكالة الشؤون الثقافية) ورقم الكتاب في السلسلة 63 والتي بلغت الآن 70 كتاباً، وكتاب البير صفحاته 349 صفحة، وهو أكبر السلسلة في عدد الصفحات، ولعل هذا بسبب الفهارس التفصيلية، إضافة إلى المادة والصور، صدر الكتاب عام 1423هـ، وشارك في كتابة بعض فصوله الشيخ د. حمد بن إبراهيم الحيدري، وشارك في ترتيبه وإخراجه ابني د. عبدالله، وبه صور ومناظر نادرة إضافة إلى معلومات جيدة ومفيدة، والبير تسمى (واسط) انظر معجم اليمامة ج2 ص433/ 334. 

رغبة: 

1 - رغبة.. مثال القرية النجدية - تأليف عبدالمحسن بن محمد آل فليج، طبع عام 1418هـ، صفحاته 446 صفحة، حشد فيه مؤلفه كثيراً من المعلومات عن البلدة، وعن العادات، والتقاليد، والألعاب، والألغاز، والأمثال، والمأكولات، والأواني الموجودة في رغبة كما في غيرها من بلدات وقرى نجد. ومن القصص المشهورة عند أهل رغبة والبلدات القريبة قصة الفارس الشجاع سليمان بن خنيزان وكلبه الوفي (وهذه أوردها عثمان أبابطين ومحمد بن أحمد الشدي في كتابين لهما)، كما أورد للخنيزان قصتين أخريين، كذلك أورد قصة العدّاء عبدالله بن قاسم، وعبدالعزيز أبو حيمد، ومع هذا يعتذر المؤلف عن التقصير، ويرجوكل من لديه ملحوظات أو إضافات تزويده بها. 

2 - رغبة.. أحمد بن محمد الحسين 1419هـ، رقم 56 في (سلسلة هذه بلادنا) التي تصدرها الرئاسة العامة لرعاية الشباب ثم وزارة الثقافة والإعلام، صفحات الكتاب 166 صفحة، به معلومات جيدة عن البلدة وصور ومناظر ومخططات، وفي غلافه صورة المرقب (البرج). 

3 - دليلك إلى رغبة.. د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي، 3 طبعات، الطبعة الثالثة 1427هـ (247 صفحة)، تقديم الشيخ عبدالله بن محمد بن خميس، طباعة فاخرة، صورة ومناظر وخرائط ملونة ومعلومات هامة عن البلدة، وصور لبعض المقتنيات الأثرية (أدوات تراثية)، لبعض ما كان يستعمله الآباء والأجداد في حياتهم اليومية. 

4 - رغبة.. تأليف د. خالد بن عبدالرحمن الجريسي، الطبعة الأولى 1421هـ، الطبعة الثانية 1428هـ، مجلد ضخم طباعة فاخرة ورق صقيل (260 صفحة)، وفي غلافه (كما في غلاف سابقه) صورة أو رسم للمرقب (البرج)، وهذا الكتاب باللغتين العربية والإنجليزية، ترجمة للأخير د. محمد عاطف مجاهد. 

المحمل في بعض المصادر المخطوطة: 

- عنوان السعد والمجد فيما استظرف من أخبار الحجاز واليمن ونجد، تأليف: عبدالرحمن الناصر. 

- مطالع السعود في أخبار نجد وآل سعود، تأليف: مقبل الذكير. 

- تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق، تأليف: عبدالله بن محمد البسام. 

المطبوعة: - عنوان المجد - ابن بشر. 

- تاريخ نجد - ابن غنام. 

- عقد الدرر - إبراهيم بن عيسى. 

- شبه الجزيرة في عهد الملك عبدالعزيز - الزركلي. 

- تذكرة اولي النهى والعرفان - إبراهيم آل عبدالمحسن. 

- كيف كان ظهور الشيخ محمد بن عبدالوهاب - مؤلف مجهول. 

- معجم اليمامة - عبدالله بن خميس. 

- تاريخ ابن ربيعة. 

- تاريخ المنقور. 

علماء وشخصيات نابهة من المحافظة: 

من الصعب على مثلي إحصاء أولئك الذين أنتجتهم تلك الأرض الطيبة.. ومعظمهم موجودون في صفحات الكتب السبعة التي أشرت إليها والموجودة صور أغلفتها مع هذا المقال. 

فمن البير الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن قاسم - رحمه الله -، وأولاده وأحفاده، وعبدالرحمن بن برّاك، وحمدان بن علي الحمدان، وعبدالرحمن بن علي الحمدان. 

ومن رجال الأعمال آل موسى، وآل النصّار، وآل الحمدان. 

ومجموعة من الأكاديميين والدكاترة، أذكر منهم د. خالد بن سعد المقرن - مدير جامعة المجمعة، ود. عبدالله بن عبدالرحمن الحيدري - مدير نادي الرياض الأدبي، ود. البروفيسور عبدالله بن محمد الحمدان، الأستاذ في كلية علوم الأغذية والزراعة بجامعة الملك سعود، والخبير في منظمة الفاو، والمشرف على كرسي التمور بالجامعة، ورئيس تحرير مجلة النخيل والتمور. 

ومن ثادق الشيخ القاضي إبراهيم الحميدان، وغيره ممن ذكروا في كتابي (ثادق المتقدمين). 

ومن رغبة رجل الأعمال عبدالرحمن بن علي الجريسي، وغيره ممن ذكروا في كتب رغبة الثلاثة المتقدم ذكرها. 

معالم: 

ومن معالم المحافظة: 

- جبل (الغرابة) المشهور المطل على كل من ثادق ورغبة.- جبل (العونية)، المطل على البير. - وادي عبيثران (بعبيثران). - وادي وراط. - وادي البير. - وادي الصفرات. - وأودية أخرى ومعالم أخرى. 

ثلاث ملحوظات: 

أود الإشارة إلى أن وسائل الإعلام الآن أهملت ذكر أسماء المناطق، واكتفت بذكر المدينة التي هي قاعدة المنطقة، وكذلك يُفعل في المكاتبات الإدارية وغيرها، ومن أمثلة ذلك لم يعد لكلمة (المحمل) ذكر البتة، واستُغني عنها بـ(محافظة ثادق)، ولم يعد لكلمة (الشعيب) ذكر، واستُعيض عنها بـ(محافظة حريملاء)، وكذلك الوشم (شقراء)، وسدير (المجمعة). وأرى أن هذه الطريقة غير مناسبة، بل يجب ذكر المنطقة (الإقليم) ثم المدينة التي هي قاعدتها، وأهم مساوئ عدم ذكر اسم المنطقة نسيانها من قِبل البعض وخاصة الشباب وأرى أن يقال محافظة المحمل (ثادق)، محافظة الشعيب (حريملاء)، محافظة الوشم (شقراء)، محافظة سدير (المجمعة) وهكذا. وبهذه المناسبة وقبل الشروع أيضاً في الموضوع لدي اقتراح أرى أنه مهم، وهو أن تكون أسماء شوارع المحافظات بأسماء أعلام تاريخية وجغرافية في المنطقة نفسها بدل أسماء أشخاص موجودة أسماؤهم في شوارع المدن الكبرى. 

الملحوظة الثالثة: خطأ وضع مخططات بعض المدن والبلدان في طرق السيل كما في رغبة وحرمة وغيرهما. 

هذا ما تيسر عرضه عن محافظة المحمل (ثادق)، في هذه العجالة، راجباً العفو عن التقصير. 
Read more

قربوا أهل ثادق منى فان لهم شأن عندي


"ثادق" هي محافظة تقع في الجزء الشمال الغربي من منطقة الرياض وتتبعها إدارياً، وتبلغ مساحتها (5000 كم2) تقريباً، بامتداد طولي من الشمال إلى الجنوب نحو (150 كم)، ومن الشرق إلى الغرب نحو (50 كم) تقريباً، وتمتد محافظة ثادق من الشمال حتى محافظة المجمعة، ومن الجنوب حتى محافظة حريملاء، ومن الشرق حتى الحضافة، والملتهبة، ومن الغرب حتى محافظة شقراء.

أما ثادق المدينة فتقع في حضن طويق في "اللهزوم" منه وغربيها هضبة الغرابة والبكرات، وشماليها العتك الأعلى "العتش"ولقد وصف بعض حدود ثادق شاعرها علي بن عويدي العويدي رحمه الله بقوله:لي ديرة حالـت عليها الغراميـل يـاللـه بعــز فــوقــها دار مــادار العـتك وبلـيـبـل عنها مشـامـيـل وعنها غـرابة مغـرب الشـمس وبكـار , وجنوبيها وادي عبيثران، وهو وادي كبير يسيل من مرتفعات طويق، وتعتبر محافظة ثادق قاعدة إقليم المحمل، والعاصمة الإدارية لمحافظة ثادق والتي تتبع بدورها إدارياً لإمارة منطقة الرياض، التي يتولى إمارتها صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.
ومن أهم معالمها وادي عبيثران، سد ثادق، وخزان المياه العلوي، ومبنى البلدية، والمقصورة وطويلعة العلي، كما يوجد هناك بعض الروضات الخضراء المشهورة في منطقة الرياض التي تزدان بالبساط الأخضر الطبيعي في فصل الربيع وعند هطول المطر مثل روضة نورة، ويوجد بها العديد من الدوائر الحكومية والآثار القديمة للسور القديم وبواباته الرئيسة وأبراج المراقبة القديمة وعرفت ثادق ب"أم البنادق" لدورها الفاعل في نصرة الدولة السعودية ودعوة المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-.
ويتبع لها عدة مراكز: الدبيجة، رغبة، رويضة السهول، مشاش السهول، الخاتلة، البير، رويغب، الصفرات، البويرده،الحسي، إضافة إلى بعض التجمعات السكانية مثل: أبا الخرفان – أم سليم – البدائع – فيحاء العتش – الفيضة.
قال ابن منظور في لسان العرب: (ثدق المطر آي خرج من السحاب خروجاً سريعاً)، وواد ثادق آي سائل، وقال ابن دريد في جمهرة اللغة: (يحتمل أن يكون اشتقاق أي اسم ثادق من ثدق المطر إذ خرج خروجاً سريعاً)، وعلامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر يعتقد أنّها مدينة قديمة، ويعتقد أن اسم ثادق كان يطلق على الوادي ثم لما عمرت البلدة سميت باسمه، ويؤيد هذا الرأي أحد الجغرافيين المعاصرين، حيث يعتقد أنّ الموقع الذي يحتقن فيه مجرى وادي عبيثران حتى ينتهي الموقع حيث يتدفق السيل إندفاعا قوياً.
وكان لأهل ثادق مشاركات كبيرة في توحيد الجزيرة العربية وبعد فتح الملك عبد العزيز الرياض سنة 1319ه وبداية جهاده في توحيد البلاد كان "البيرق" لأهل المحمل والشعيب وكانوا أهل المحمل والشعيب سباقين لنصرة الحق مع الملك عبدالعزيز بالرجال والسلاح و هو من أهم ألوية الجهاد في زمن الدولة السعودية، وبيرق المحمل إبان توحيد الملك عبدالعزيز للبلاد كان بجوار بيرق أهل الرياض بيرق أهل اليمامة، وحرص الملك عبد العزيز -رحمه الله- على تعيين أهالي المحمل في الجهاد والحراسات ذات الطابع الخاص لإخلاصهم وشجاعتهم، ومن أقوال الملك عبدالعزيز: (قربوا أهل ثادق منى فان لهم شأن عندي)، وذلك بسبب موقع منطقة المحمل والشعيب الذي يتوسط بلدان نجد وكونها على طريق العتك المشهور، ولكونها طريق قوافل الإبل من الشمال إلى الجنوب والكثافة السكانية التي تتمتع بها المنطقة ولقربها من مدينة الرياض، وكان والد الملك عبدالعزيز عبدالرحمن الفيصل والملك عبدالعزيز رحمه الله على اتصال دائم معهم عن طريق المراسلة، كما يظهر ذلك من واقع وثائق الرسائل المحفوظة لديهم.


وعاماً بعد آخر يجدد أهل "ثادق" الولاء والانتماء لقادة خير البلاد..
Read more

ابن لعبون شاعر القرن الثالث عشر الهجري التحريف في النصوص واختلاق مناسباتها

 سعد الحافي
    يا علي صيح بالصوت الرفيع
للمره قل تبيعين القناع(1)
قل لها المهره الصفرا الصنيع
سنها عندكم وقم الرباع(2)
نشتري منه كان انه يبيع
بالعمر مير ما اظني يباع(3)
غرنا يا علي قمراً ربيع
يوم انا أمر وماموري يطاع(4)
يوم اهلنا واهل ميٍ جميع
نازلينٍ على جال الرفاع(5)
ضحكتي يوم انا معهم وديع
ما سوت بكوتي عند الوداع(6)
ودي اسلاه والكون الفنيع
سلوتي يا علي ما تستطاع(7)
هم بروني وانا عودي رفيع
يا علي مثل مبري اليراع(8)
وطوعوني وانا ما انيب اطيع
واغلبوني وانا ظفرٍ شجاع(9)
وجد عيني على ظبيٍ تليع
عندكم كن في خده اشماع(10)
وانت يا لايمي جعلك تضيع
ما تمارى بها من الشعاع(11)
كن معها وهي خلوٍ جضيع
مقتفيها يبي منها (...)(12)
شيبتني وانا توي رضيع
قال لي وانت في سن الرضاع(13)
دون مي الظبا وام الوضيع
والثعالب وتربيع الشراع(14)
وراس ريعٍ دخل في وسط ريع
مستطيلٍ ووديانه وساع(15)
الشاعر:
ابن لعبون
هو محمد بن حمد بن محمد بن ناصر بن عثمان (الملقب لعبون) بن ناصر المدلجي الوائلي وهو أكبر أولاد مؤرخ نجد (حمد بن لعبون) ولد في بلدة ثادق سنة 1205ه، هاجر إلى الزبير سنة 1222ه ومات في الكويت سنة 1247ه، لم يعقب.
مناسبة النص:
تكرر في بعض المصادر أن سبب إنشاء هذا النص أن الشاعر كان في حلقة رقص للنساء بمرئ من الرجال وعندما أرادت إحداهن أن تلقي بقناعها للرقص شاهد الشاعر قريباً لها قادم فأراد أن يحذرها بهذا البيت:
يا علي صيح بالصوت الرفيع
يا مره لا تذبين القناع.
وأقول إن هذه الرواية بعيدة عن الحقيقة كون السياق المعنوي للنص الذي بين يدينا وهو الاقرب للصحة لا يشير من قريب أو بعيد لمثل هذه القصة وطلب الشاعر لشراء القناع رمزي يتسق مع سياق الأبيات التالية له في النص، بينما القصة اشتقت نتيجة تحريف النص من خلال تغييرالشطر الثاني عن أصله(للمرة قل تبيعين القناع) وتحريفه الى (يامره لا تذبين القناع) فتصورها الراوي هكذا.
دراسة النص:
الربيعي
ورد في كثير من المصادر المخطوطة والمطبوعة وهنا أعتمدت على ما جاء في مخطوط الربيعي ومقارنته بما جاء عند الحاتم في الهوامش، وبالنظر للنص الذي بين يدينا نجد الشاعر يخاطب من سماه (علي) ويطلب منه أن يرفع صوته منادياً على تلك المرأة "ماتبيعين القناع" وهذا الطلب رمزي فالقناع يرمز للجفاء والحرمان والشاعر يطلب الوصال من تلك الفتاة الجميلة المرتوية الجسد التي هي أشبه بالمهرة البيضاء اللون التي يهتم بها مربيها، ولذلك نجد الشاعر يقدم عمره ثمناً للقبول مع إعتقاده الجازم باستحالة إدراك طلبه، ثم يظهر ندمه على تلك الايام الخالية عندما كان شاباً ذا حظوة وقبول يوم كان مجاوراً لهم في الرفاع، وإن الأنس الذي كان يجده بقربهم لايعد شيئاً عند ألم الفراق الذي شعر به حين ودعهم مغادراً، ويتمنى أن ينسى ذلك ولكنه الحب الذي لا ينسى فقد تمكن منه وأثر على جسده النحيل، بعد أن خضع لهذا الحب وهو شجاعاً لم يكن ليخضع لأحد، ويدعو على العاذل له، ثم يصف مفاتن حبيبته التي يرمز لها ب(مي) واستخدام الشاعر له شائع في كثير من قصائده وهو اسلوب ناجع في إخفاء الاسم الحقيقي للحبيبة حفاظاً على سمعتها مما يجعل المتتبعين له في حيرة من أمرهم هل يقصد به واحدة يعتقدون أن اسمها (هيلة) بناء على حساب الجمل أو أنه يقصد أكثر من حبيبة خاصة وأنه يحدد لكل منهن دياراً وأمكنة مختلفة فهنا يحدد بأنه يحول بينه وبين ديار حبيبته صحارى فيها قطعان الظباء وأودية مائية واسعة.
الهوامش:
نورد هنا اختلاف الرواية عند الحاتم ونكتفي به دون الروايات الاخرى والتي تدل بشكل واضح على تدخل الرواة بالتحريف في النصوص والتي بناء عليها تختلق القصص:
1-يا علي صحت بالصوت الرفيع
يا مره لا تذبين القناع
وهنا يتضح سبب اختلاق قصة حفلة الرقص من هذا التحريف.
2-شاقني راعي الصفرا الصنيع
سنها يا علي وقم الرباع
هنا التحريف يدل على عدم فهم للشعر حيث جعل محل اعجاب الشاعر بصاحب الفرس والذي يناقض معنى الشطر الثاني وساق النص.
3-يرد عند الحاتم بعد هذا البيت بيتاً:
سايمين الهوى يا من يبيع
يشترون الهوى ناسٍ رفاع
وهذا البيت ركيك غير متسق مع السياق ومكرور المعنى والقافية في الصدر مما يدل على أنه مدخل على النص.
4-غرني يا علي قمرا وربيع
يوم انا ميمرٍ وامري مطاع
5-يوم أهلنا وأهل ميٍ جميع
نازلينٍ على جو الرفاع
6-ضحكتي يوم انا طفلٍ رضيع
ما سوت عبرتي عند الوداع
7-ودي اسلا وهو كون فنيع
سلوتي يا علي ما تستطاع
8-هم بروني وانا عودي رفيع
يا علي مثل ما يبرا اليراع
9-طوعوني وانا ما كنت اطيع
واغلبوني وانا قرمٍ شجاع
11-لايمي بالهوى تجعلك تضيع
ما تمارا بها مثل الشعاع
12-كنى معاها وان خلو يضيع
مكتفيها ونابي منها(..)
13-شيبتني وانا توي رضيع
جاهلٍ تو في سن الرضاع
14-عند مي الظبي وام الرضيع
والثعالب وتربيع الشراع
15-لم يرد عند الحاتم




Read more

هؤلاء... وشعرية المكان وألفية ابن عمار

أحاديث في الأدب الشعبي

هؤلاء... وشعرية المكان وألفية ابن عمار

عبدالرحيم الأحمدي
    هؤلاء هم مجموعة من شعراء الفصحى وآخرون من شعراء الشعبي البدوي، وأميزه بالبدوي لقربه من شعر الفصحى شكلا وبناء ومعايير فنية، وينتشر في كل البلاد العربية إلى جانب شعر شعبي آخر يمثل المجتمع الحضري، والشعر البدوي لا يعني أن مبدعيه من البادية بل هو من نبت البادية، ويتسم هذا الشعر بالفصاحة لا يفصله عن شعر الفصحى غير التزام الأخير بقواعد اللغة العربية (النحو) وخضوعه للصنعة الشعرية الفنية، بينما يتحرر الشعر البدوي من بعض القيود الفنية ملتزماً التلقائية، وصدق التعبير. وهؤلاء الذين اختارهم الأستاذ إبراهيم العميم هم:
قيس بن الملوح وقبيله محمد بن عمار
الحطيئة ونظيره حميدان الشوهرِ
متمم بن نويرهَ وقبيله نمر بن عدوان
عمر بن أبي ربيعة ويقابله محسن الهزاني
الأعشى وقبيله محمد بن لعبون
الخنساء ونظيرتها موضي البرازية
ستة من شعراء الفصحى وستة من الشعراء الشعبيين جمعت بينهم المعاناة وفرغوا شحنات عواطفهم شعراً.
وعقد المؤلف بينهم مقارنات مستشهدا بقصيدة لكل شاعر، مبينا مواقع الالتقاء بين كل منهم. ولقد شدني موضوع الكتاب الصادر عن دار جداول، لما توقعت من تناوله التعمق في مجال المقارنة والمقاربة، والتحليل الأدبي والاجتماعي لابداع صدر في أزمنة متباعدة وأحوال متفاوتة، وسواء أجاد المؤلف أو لم يحالفه الصواب فذاك من شأن النقاد، أما الفكرة فقد راقت لي وراق لي التناول واستمتعت بقراءة الكتاب، ودفعني ذلك إلى إثارة الموضوع في إطار الأحاديث عن الأدب الشعبي، وأشيد بتوجه جداول لهذه المقاربة الأدبية بين نوعين من الشعر العربي. ولم يكن العميم أول من أشار إلى العلاقة بين شعر الفصحى والشعر الشعبي، فقد تحدث ابن خميس رحمه الله في كتابه: الأدب الشعبي في الجزيرة العربية إذ عقد فيه مقارنات ومقاربات بين هذين النوعين من الشعر كما اتهم الشاعر إيليا أبو ماضي بالسرقة من الشعر الشعبي في قوله:
يا أخي لا تشح بوجهك عني
ما انا نجمة ولا أنت فرقد
أو ما انا فحمة. وذلك من أبيات بدوية لشاعر أردني.
على أية حال، كتاب: هؤلاء وشعرية المكان للأستاذ إبراهيم العميم فيه متعة وطرح أتوقع أن يتطور ويزداد شمولية وتحليلاً.
إن توارد الخواطر وارد كما يقع الحافر على الحافر عند المتقدمين وقد يكون مرده إلى الصدفة دون علم التالي بسبق من كان قبله، وقد يكون تأثراً بسابق غاب عن الذهن ساعة ابداع التالي، ثم إن الموضوع المستهدف بالتعبير والدوافع المتشابهة عند المبدعين قد تلتقي، فلا عتب ولا لوم، وللمتلقي أن يستمتع بالمفارقات.
أعود إلى ابن عمار وقيس، فقد واجه كل منهما معاناة الحرمان ممن يحب لأسباب اجتماعية حالت دون بلوغ كل منهما مناه، وستظل هذه الأسباب قائمة ما لم يتطور الفكر المأسور بقيم لا تنسجم مع منجزات الإنسان الفكرية. وقيمه المتجددة.
ليس ضرورياً أن نعرّف بقيس فكل الناس تعرف قيساً وليلى والحب العذري ولكن ابن عمار وليد معاناة قيس إذا فهو من رحاب الحب العذري، وكم أنجبت الصحراء من قيس وأمثاله، وكم أبدعت من حب عذري. ولد ابن عمار في بلدة ثادق من حواضر نجد، كانت ولادته فيما بين عامي 1270 – 1280ه وتوفي عام 1351ه. وقد تعلق في شبابه بحب فتاة لم تسمح القيم الاجتماعية له بالزواج منها، فاعتزل الناس حينا يشارك الطير بوحه، ويدون حبه ومشاعره في قصيدة على نمط "الألفيات". وهو لون شعري لا يعول عليه الشعراء إلا عندما تبلغ معاناتهم مدى بعيداً، ذلك أن هذا اللون الشعري يطول لالتزامه أحرف الهجاء "الالفباء" ويتطلب نفساً شعرياً مديداً بعدد أحرف الهجاء كل بيت من القصيدة يبدأ بحرف متناولاً جزءاً من هم الشاعر، لا يتجاوزه إلى الحرف التالي حتى يشبع هذا الهم تعبيراً إما وصفا أو طلبا أو احتجاجاً لذا قد تطول القصيدة لتفي بغرض الشاعر.
ولما كانت الالفبائيات فناً مستقلا في الشعر فإن الشعراء يتفننون في إبداعها مقاطع تزيد على البيتين أو إشارات تقل عنهما. والصعوبة تكمن في تخصيص كل حرف لجزئية من هم الشاعر جزئية لا تتكرر. لذا لا يقدم عليها غير شاعر متمكن، وابن عمار – كما يشير المؤلف – لم يعرف له شعر غير هذه القصيدة وهذا يعني أنه شاعر مبدع لم يثره من الهم الشعري غير معاناته هذه التي دونها وتناقلها الناس رواية وغناء.
يثبت ابن عمار أن الشعر الأصيل هو ما ينزل على الإنسان في لحظات معاناته، وهو قادر على التعبير عنها نثراً وخطابة ولكن الشعر هو المميز من الكلام للتعبير النوعي عن المعاناة. عانى ابن عمار فأبدع ألفيته مخلدا مأساته، وراسماً محبوبته كما يراها وكما يحس من وشائج الحب وأواصر العلاقة، عشق يشبه ما كان بين ليلى وقيس وبخاصة في أبيات المقارنة التي اختارها المؤلف كما يلي:
قيس:
موسومة بالحسن ذات حواسد
ان الحسان مظنة للحسد
ابن عمار:
متنقل بالزين سيد العفايف
غندورة فيها من الحور شارات
قيس:
غرابية الفرعين بدرية السنا
ومنظرها بادي الجمال أنيق
ابن عمار:
من لا منى في حب ذاك الوليف
دقاق رمش العين سيد الخوندات
قيس:
تبسم ليلى عن ثنايا كأنها
أقاح بجرعاء المراضين أو در
ابن عمار:
الثا ثمانه حب رمان طايف
أو اقحوان في رياض عطايف
قيس:
وآية وجد الصب هاطل دمعه
ودمع الشجي الصب أعدل شاهد
ابن عمار:
عليه زرع القلب ها في وظامي
ومالى جدا غير البكا والتنهات
قيس:
خليلي وإن ضنوا بليلى فقربا
لي النعش والأكفان واستغفرا ليا
ابن عمار:
هاتوا استاد القبر دنوا نصايب
دنوا دواة الحبر نكتب سجلات
قيس:
أصلي فما أدري إذا ما ذكرتها
أثنتين صليت الضحى أم ثمانيا
ابن عمار:
ألهيتني عن مذهب اللي يصلون
ما عاد اميز لو قرن التحيات
قيس:
فلا خير في الدنيا إذا لم تزر
حبيبا ولم يطرب إليك حبيب
ابن عمار:
لا شفت زوله ذاك هو يوم عيدي
وتصبح بساتين الضماير مريفات
إلى آخر الأبيات المتشابهة تشابه المعاناتين لدى الشاعرين.
وإذا كان من ملاحظة على المؤلف فإنها تقتصر على أمور لا ترقى للنقد الذي يقلل من أهمية الكتاب، وهي تقتصر على مخالفة بعض الأبيات الاستشهادية نصاً عن الأبيات في القصيدة التي اختتم بها كتابه، وقد أحسن حين أورد ألفية ابن عمار والشعراء الشعبيين الآخرين.
شكراً للكاتب ولجداول ودعوة صادقة لقراءة الكتاب:
هؤلاء...
وشعرية المكان.
ولعل من المناسب ذكر مطلع ألفية ابن عمار وهو:
ألفٍ أو لف من كلام نظيفِ
ودموع عيني فوق خدي ذريفِ
من لا مني في حب ذاك الوليفِ
دقاق رَش العين سيد الخوندات
خوندات يا اللي ما بعد عاشرنه
قل له تراهن في الهوى يذبحنه
قلبي وقلبك من عروقه خذنه
عزي لمن مثلى تعرض للافات
* * *
البا بليت بحب خلي على ماش
ولا حصل منه ما يبرد الجاش
غديت انا واياه طاسة ومنقاش
بالوصف كنّى يا المعزي سلامات
ثم يبدأ بوصف معشوقته بعد أن صور هواه وحالته فيقول:
الثا ثمانه حب رمان طايف
او اقحوان في رياض عطايف
متنقّلٍ بالزين سيد العفايف
عمهوجة فيها من الحور شارات
شارات فيها من ظبَيْ الحمادي
هي لذة الدنيا وغاية مرادي
من يوم قَفَّى صاحبي من بلادي
عليه جاوبت الحمايم بالاصوات

ابن خميس

إيليا أبو ماضي

عبدالرحيم الأحمدي
Read more